ذهبنا اليوم إلى حوض كبير يسمى البحر. كان هذا الحوض مليئا بالمياه ومحاطا بالرمال.
بمجرد وصولنا قامت أمي بتغيير ملابسي، وفي تلك الأثناء كان خالي علي يعد مسبحي الصغير. وبعد أن استعان أبي بخالي عمر لملئه بالمياه، قام بوضعي في المسبح، لكني فوجئت ببرودته، فاختلطت صرخاتي بدموع الاحتجاج، ورفضت أن أبقى هناك.
ها قد أكملت لتوي أشهري الستة. وقد قامت أمي اليوم بإعداد وجبة غذاء مختلفة عما تعودت عليه من قبل. فبدل الحليب تناولت خليطا مطحونا من البطاطس والجزر. طعمه غريب، لكنه لذيذ!
صحيح، تذكرت: الآن فقط فهمت لماذا تصلح تلك القطعة البيضاء!
عذرا على غيابي الطويل عن المدونة، فقد كنت منشغلا ببعض التغيرات الطارئة على جسمي.
فبالإضافة إلى محاولة تأقلمي مع وضعية الجلوس في زاوية بين مخدتين، أصبحت أحس ببعض الوخزات في فمي.
واليوم، وبعد طول بكاء في الليل أثرت به قلق والدي، نبتت وسط لثتي السفلى قطعة صلبة بيضاء. وقد اتخذتها لعبة أسلي بها نفسي حتى إنها قد أنستني آلامي.
زغاريد منطلقة هنا، وتهاني ملقاة هناك.. وجوه باسمة وأخرى ضاحكة.. وحدي أبكي من شدة الألم ومن أثر المخدر.
كانت هذه نهاية صباح طويل. فمنذ الثالثة صباحا لم يسمح لي بتناول الطعام ولا حتى تذوق العسل. تصوروا أن المطلوب مني هو الصبر على الجوع ست ساعات قبل بدء العملية الجراحية.. ماذا؟! عملية جراحية؟!!!
كل القرائن تشير إلى مؤامرة تحاك ضدي في الخفاء:
- سفر في غير أيام عطل إلى تطوان.
- ركوبي لأول مرة في سيارة كبيرة تسمى حافلة.
- استحمامي بمجرد الوصول إلى بيت جدي على الرغم من رفضي واحتجاجي العنيفين.
- إدراج ملعقة من دقيق الأرز في الحليب.
أحس بأمر يدبر لي هذه الليلة..
.. لم يستطع أن يتخيل نفسه ميتا في صحراء قاحلة حيث لا شخص يجده ولا حبيبا يذكره.. الشيء الذي زاد من رغبته في مقاومة هذه الغيبوبة الحرجة.. لقد بدأ يحس أن نزيف كتفه لن يتوقف قبل أن يجف جسمه من الدم.. عليه أن يتخذ قرارا حاسما وسريعا.. فكيف له أن يرمي بالرصاص فتاة تعتبر بجميع المقاييس البيولوجية "أختا"..
بدأت أحوالي تستقر ولله الحمد. فباستثناء بعض الحالات التي أكون فيها مريضا أو تعبانا، صرت أنام لمدة أطول خاصة في الليل تصل في بعض الأحيان إلى أربع ساعات.
كما أنني بدأت أعرف شيئا يسمونه باللعب، حيث يقوم والدي بمداعبتي في وجهي. فأتفاعل معهما مرة بإلقاء ابتسامة، ومرة بالغمغمة بحروف متقطعة.
ما هذه الأشياء الغريبة التي تملأ الجدران والسقف؟
يستهويني النظر إلى الإطارات المعلقة بالحيطان، وتبهرني الستائر الملتصقة بالنوافذ. لكن أكثر ما يثير انتباهي هي الأضواء المنبثقة من الثريا.
بعض الهدوء من فضلكم، دعوني أركز في تأملاتي!
كان ينتظر قرب باب المخابرات ليقوم بمهمة جديدة ولكن الآن ليس في الأدغال بل في الفضاء. نعم، لأنه تم اختطاف رئيس الجمهورية بعد أن كان في رحلة في طائرته الخاصة ذاهبا إلى الى مكان مجهول.
هذا اليوم لن يمحى من ذاكرتي أبدا.. فقد قررت أمي اصطحابي معها إلى مدينة الدار البيضاء رفقة جدي أحمد وابنة عمها سارة بغرض زيارة المعرض الدولي للكتاب وزيارة مكتبة آل سعود لتقوم أمي بالبحث عن كتب تحتاجها في دراستها.